كواجب دراسي، طُلب من الطلبة إعداد بحث عن ظاهرة إجتماعية في المجتمع، يقوم الأول بقراءة مقالات كثيرة، تتحدث عن ظواهر إجتماعية متنوعة، يستمع لندوات، يشاهد محاضرات ويعرض الأسئلة ويدون الملاحظات، أما الثاني فيقوم بداية بتحديد عنوان البحث وموضوعه ثم يبدأ بإنتقاء كتب ومقالات تدور حول عنوان بحثه، ويستمع لمحاضرات مختصّة بما يود الكتابة عنه.
هل سيحصل الإثنان على نفس النتيجة ؟!
قام الإثنان بتجميع أكبر قدر من المعلومات لبناء البحث المطلوب، عند بدئهما بكتابة البحث سنلاحظ أن الثاني يبدأ بناء بحثه بمراحل مترابطة وطبقات متراصة وبمسار واضح وسلس مستفيداً مما تم تجميعه، أما الأول الذي حدد عنوان بحثه لاحقا سيجد نفسه متخبطاً فتارة يغيّر عنوان بحثه وتارة يعود للتجميع فحصيلته في مجال بحثه فقيرة. لا شك انه استفاد من حصيلته السابقة ولكن شتان بين استفادة الأول والثاني، فإذا لم تكن تعلم أين تذهب، فكل الطرق تؤدى إلى هناك، وتجربة كل الطرق التي تؤدي لـلا مكان، تستهلك منك الكثير ولن توصلك لـمكان!.. وهنا نلاحظ أهمية فهم الآتي ..
للخروج ببناء متناسق ومترابط بطبقات متراصة، نبدأ بمرحلتين لا نتخطى الأولى ولا نفصلها في نفس الوقت عن الثانية، التجميع و البناء . فالتجميع هي عملية تحصيل المعلومات بواسطة حواس الإدراك الخمس ويكون إما بشكل عشوائي أو منهجي، والبناء عملية معالجة المعلومات المتراكمة للخروج بنتيجة معينة أو هدف محدد.
التجميع عملية عشوائية ولكن إذا تم ربطها بعملية البناء، وبالتالي بالهدف، تتحول إلى عملية إنتقائية قائمة على التصفية والتصنيف وتجميع ما يخدمه في بنائه. ولكن قواعد البيانات الضخمة تبقى مجرد بيانات بلا فائدة مالم يتم ربطها بالبرنامج المناسب، ولذلك لابد من الإستمرار والإنتقال إلى المرحلة الثانية، عملية البناء، ومعالجة المعلومات وفق قواعد ومنهجية محددة للوصول إلى الغاية والمقصد. وهذا لا يعني توقف عملية التجميع الممنهج للإستزادة.
إذن يمكننا تشبيه المعلومات بمكعبات الليغو المتفرقة، أشكالها مختلفة ومتنوعة، واختيار المكعبات المناسبة ( التجميع ) ووضعها بطريقة صحيحة ( البناء ) يُنتج عمل فنني متراص وصلب. وهنا ندرك أن التجميع بمثابة نقطة الإنطلاق والبناء هو الخط المستقيم، الطريق الأقصر، لنقطة الإنتهاء.